الإحسان: هل هو ملكية أم وكالة؟
فقال مردخاي أن تُجاوب أستير: .. ومَن يعلم إن كنتِ لوقتٍ مثل هذا وصلتِ إلى المُلك؟ ( أس 4: 13 ، 14)
كيف ينبغي أن ننظر نحن لكل إحسان يُحسن به الرب إلينا؟
هل ننظر إليه على أنه ملكية خاصة لنا؟ أم ننظر للإحسان على أنه مجرد وكالة، وننظر لأنفسنا على أننا لسنا سوى وكلاء؟
ولماذا لا؟ بل إنني أعتقد أن هذه النظرة هي رد الفعل الوحيد الصحيح لإحسانات الله لنا. فنحن لسنا هنا على الأرض لكي نعيش لأنفسنا، بل للذي مات عنا، أَ لم يَقُل الكتاب: «وهو مات لأجل الجميع، كي يعيش الأحياء فيما بعد، لا لأنفسهم، بل للذي مات لأجلهم وقام» ( 2كو 5: 15 )؟ أوَلم يَقُل أيضًا: «لأن ليس أحدٌ منا يعيش لذاته، ولا أحدٌ يموت لذاته. لأننا إن عشنا فللرب نعيش، وإن مُتنا فللرب نموت، فإن عشنا وإن مُتنا فللرب نحن» ( رو 14: 7 ،
؟
لذلك أراه أمرًا يدل على الضحالة الروحية أن نكتفي بمجرد الشكر إزاء الإحسانات، ولا نرفقه بالسؤال عن الغرض الذي لأجله جاءنا هذا الإحسان. حتى ولو كان هذا الإحسان شيء من أمور الزمان، والتي قد يراها الناس أشياء عادية يتمتع بها معظم البشر، كالزوجة والبيت والأولاد، الصحة والعقل، العمل والمال والنجاح، المسكن والسيارة .. إلخ، أو أشياء روحية كموهبة ما، أو فتح الذهن لفهم الكتاب، أو محبة إخوتنا وتقديرهم الحُبي لنا .. إلخ. فالوضع الروحي الصحيح إزاء الإحسان في أي صورة من صوره أتخيله في مثل هذه الصلاة.
”يا رب شكرًا لك على ما أعطيتني، وأقرّ وأعترف أمامك بعدم استحقاقي لأي خير من عندك، لكن هذه هي دائمًا نعمتك! لذلك فأنا أعلم يا رب أني لست إلا وكيلاً على ما أعطيتني، فالكل منك والكل لك. وكم أحتاج أن أكون أمينًا وحكيمًا في وكالتي لكي ترضى عني وتباركني، فساعدني يا إلهي لكي أفهم غرضك مما أعطيتني، واعضدني بنعمتك لكي أكون أمينًا في إدارته لمجدك، حتي لا أخجل منك يوم الوقوف أمام كرسيك“.
وإذا لم يكشف الرب بسرعة عن غرضه من وراء الإحسان، فهذا لا يعني أبدًا أنه لا يوجد غرض، أو أن الغرض هو مجرد أن نستمتع بما أعطانا، وأن نتصرف فيه كما يحلو لنا. لكن حتمًا هناك غرض سيعلنه الرب في وقته. وإلى أن يأتي هذا الوقت الذي فيه سيكشف الرب عن غرضه، علينا أن نكون وكلاء أُمناء.