الله هو أصل و بداية التسبيح
التسبيح مرتبط بوجود الله و لأن الله من الأزل و إلى الأبد إذاً تسبيح العلى هو منذ الأزل و سيظل إلى أبد الآبدين
و قد ارتضى الله أن يخبرنا لمحة عن المجد الذى يحياه و التسبيح الذى يحيط به و الذى سوف نعيش فيه عندما نخطف إلى سماه . و هذه اللمحة مرتبطة بزمن تواجد الأرض فالأرض لها بداية " فى البدء خلق الله السموات و الأرض " ( تك 1 : 1 ) و لها نهاية , يذكر الكتاب المقدس أنه سيأتى يوم تزول فيه السموات و تنحل العناصر محترقة و تحترق الأرض هى و المصنوعات التى فيها ( 2بط 3 : 10 )
أى أن الأرض ليست أزلية مهما كثر عدد أعوامها حتى و إن تعدى عددها الملايين من السنين فهى لا تقارن بعمر العلى الذى خلقها . فإن أردنا تخيل ما نحن مقدمين عليه علينا كمثال أن نحول الأمور التى ليس لها بداية و الأمور التى ليس لها نهاية أى ( الأزل و الأبد ) إلى خط بيانى له بداية و نهاية كالتالى :
البداية = الأزل ----------------------------- النهاية = الأبد
إذا افترضنا أن هذا الخط البيانى يمثل وجود الله أى عمر التسبيح ( لأن التسبيح مرتبط بوجود الله ) و أردنا أن ندخل على هذا الخط عمر الأرض , فإننا فى الحقيقة لن نستطيع أن نعبر عنها ( الأرض ) أكثر من نقطة صغيرة جداً .
البداية = الأزل ---------------.------------- النهاية = الأبد
( عمر الأرض )
و عمر الإنسان فى الأرض من آدم إلى الآن لا يتعدى الستة آلاف سنة و فى ( مز 103 : 15 , 16 ) " الإنسان مثل العشب أيامه كزهر الحقل كذلك يزهر لأن ريحاً تعبر عليه فلا يكون و لا يعرفه موضعه بعد " أى أن الأرض من سرعة مرور الثمانون عام التى هى عمر الإنسان لا تستطيع أن تحفظ شكله , فتخيل صديقى أنا و أنت الذين نمثل جيل واحد من آلاف الأجيال التى مرت على الأرض ( الجيل مع القوة ثمانون سنة - 120 سنة ) إن حاولنا وضع نفوسنا فى هذا الخط البيانى الذى يمثل حدود الله و أبعاد التسبيح و نقطة صغيرة تمثل عمر الأرض فأين صديقى نوجد ؟ أين نضع نفوسنا داخل هذه النقطة ؟!! حقيقة لن نجد مكاناً لنا على الخريطة .
و هذا يعبر صديقى أن ما نحن بصدد دراسته أكبر بكثير من إمكانياتنا , لكن الله ارتضى أن يعطينا لمحة عن تسبيحه لكى يستمر التسبيح كما فى السماء كذلك على الأرض .
فقبل تكوين الأرض و السموات و الخليقة و قبل كل شىء كان تسبيح العلى قائم فالآب يسبح الإبن و الإبن يسبح الآب و الروح القدس يسبح كلاهما و سيظل تسبيح العلى قائماً إلى الأبد .
أى أن التسبيح شىء ليس مهم خارجياً لله فقط بل هو فى ذاته و لذاته قائم فيه و به إلى الأبد .
و سنكتفى بذكر الآيات التى تؤيد ذلك :
الآب يمجد الإبن ( يو 17 : 5 ) " و الآن مجدنى أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذى كان لى عندك قبل كون العالم"
( يو 17 : 24 ) " أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتنى يكونون معى حيث أكون أنا لينظروا مجدى الذى أعطيتنى لأنك أحببتنى قبل إنشاء العالم "
( أع 3 : 13 ) " إن إله إبراهيم و إسحق و يعقوب إله آبائنا مجد فتاه يسوع الذى أسلمتموه أنتم و أنكرتموه أمام وجه بيلاطس و هو حاكم بإطلاقه "
( فى 2 : 9 ) " لذلك رفعه الله أيضاً و أعطاه اسماً فوق كل إسم "
الإبن يمجد الآب
( يو 14 : 13 ) " و مهما سألتم بإسمى فذلك أفعله ليتمجد الآب بالإبن "
( يو 17 : 4 ) " أنا مجدتك على الأرض العمل الذى أعطيتنى لأعمل قد أكملته "
( عب 2 : 11 , 12 ) " لأن المقدس والمقدسين جميعهم من واحد فلهذا السبب لا يستحى أن يدعوهم إخوة قائلاً أخبر بإسمك إخوتى و فى وسط الكنيسة أسبحك "
( مز 22 : 25 ) " من قبلك تسبيحى فى الجماعة العظيمة "
الروح القدس يمجد الآب و الإبن ( يو 16 : 14 ) " ذاك يمجدنى لأنه يأخذ مما لى و يخبركم "
( يو 15 : 26 ) " و متى جاء المعزى الذى سأرسله أنا إليكم من الآب , روح الحق , الذى من عند الآب ينبثق , فهو يشهد لى "
فمن الأزل الله الآب و الله الإبن و الله الروح القدس كل منهم يسبح الآخر لذلك أخبرنا الله عن نفسه أنه الإله الساكن وسط التسبيحات " و أنت القدوس الساكن بين تسبيحات إسرائيل " ( مز 22 : 3 )
لذلك يقول مسبحوا بنى قورح : " نظير اسمك يا الله تسبيحك إلى أقاصى الأرض يمينك ملآنة براً " ( مز 48 : 10 )
بمعنى أنه مثل امتداد و حدود اسمك الأزلى الأبدى الغير محدود كذلك تسبيحك عظيم و غير محدود يا الله . أى سيستمر و يستمر و لن يقف منذ الأزل و إلى أبد الآبدين .
إذاً علينا , و بكل وقار و خوف و رعدة , أن نعلن أنه لا لإمتياز فينا دعونا هذه الدعوة المميزة لتسبيح العلى , بل بالنعمة صار لنا نصيب فيها . و هذه الفرصة هى بالحقيقة تاج و امتياز لكيان زائل مثلى أن اشترك في تسبيح العلى .
هرماس سمير - تسبيح العلى - الجزء الأول - الفصل الثانى - ص 26